سورة الهمزة - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الهمزة)


        


قوله تعالى: {ويل لكل هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} اختلفوا في الهُمَزَة واللُّمَزَة هل هما بمعنى واحد، أم مختلفان؟ على قولين.
أحدهما: أنهما مختلفان. ثم فيهما سبعة أقوال.
أحدها: أن الهُمَزَة: المُغْتَاب، واللُّمَزَة: العيَّاب، قاله ابن عباس.
والثاني: أن الهُمَزَة: الذي يهمز الإنسان في وجهه. واللُّمَزَة: يَِلْمِزُه إذا أدبر عنه، قاله الحسن، وعطاء، وأبو العالية.
والثالث: أن الهُمَزَة: الطعَّان في الناس، واللُّمَزَة: الطعَّان في أنساب الناس، قاله مجاهد.
والرابع: أن الهُمَزَة: بالعين، واللُّمَزَة: باللسان، قاله قتادة.
والخامس: أن الهُمَزَة: الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللُّمَزَة: الذي يَلْمِزهم بلسانه، قاله ابن زيد.
والسادس: أن الهُمَزَة: الذي يهمز بلسانه، واللُّمَزَة: الذي يلمز بعينه، قاله سفيان الثوري.
والسابع: أن الهُمَزَة: المغتاب، واللُّمَزَة: الطاعن على الإنسان في وجهه، قاله مقاتل.
والقول الثاني: أن الهُمَزَة: العَيَّاب الطعان، واللُّمَزَة مثله. وأصل الهمز واللمز: الدفع، قاله ابن قتيبة، وكذلك قال الزجاج: الهُمَزَة اللُّمَزَة: الذي يغتاب الناس ويَغُضُّهم. قال الشاعر:
إذا لَقِيتُكَ عَنْ كُرْهٍ تُكَاشِرُني *** وإن تَغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ
قوله تعالى: {الذي جمع مالاً} قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، وروح {جَمَّع} بالتشديد. والباقون بالتخفيف.
قوله تعالى: {وَعَدَّده} قرأ الجمهور بتشديد الدال. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وابن يعمر بتخفيفها.
وللمفسرين في معنى الكلام قولان:
أحدهما: أحصى عَدَدَه، قاله السدي.
والثاني: أَعَدَّه لما يكفيه في السِّنين، قاله عكرمة. قال الزجاج: من قرأ {عدَّده} بالتشديد، فمعناه: عدَّده للدهور. ومن قرأ {عَدَدَه} بالتخفيف، فمعناه: جمع مالاً وَعَدَداً. أي: وقوماً اتخذهم أنصاراً.
قوله تعالى: {يحسب أنَّ ماله أخلده} أخلده بمعنى يخلده، والمعنى: يظن ماله مانعاً له من الموت، فهو يعمل عمل من لا يظن أنه يموت {كلا} أي: لا يخلده ماله ولا يبقى له {ليُنْبَذَنَّ} أي: ليُطْرَحَنَّ {في الحطمة} وهو اسم من أسماء جهنم. سميت بذلك لأنها تحطم ما يُلقى فيها، أي: تكسره، فهي تكسر العظم بعد أكلها اللحم. ويقال للرجل الأكول: إنه لَحُطَمة. وقرأ أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبد الرحمن، والحسن، وابن أبي عبلة، وابن محيصن، {لينبذانِّ} بألف ممدودة، وبكسر النون، وتشديدها، أي: هو وماله.
قوله تعالى: {التي تَطَّلع على الأفئدة} أي: تأكل اللحم والجلود حتى تقع على الأفئدة فتحرقها، قال الفراء: يبلغ ألمها الأفئدةَ. والاطِّلاع والبلوغ قد يكونان بمعنى واحد، والعرب تقول: متى طلعَت أرضنا؟ أي: بلغتَ. وقال ابن قتيبة: تَطَّلع على الأفئدة، أي: توفي عليها وتشرف. وخص الأفئدة، لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه، فأخبر أنهم في حال من يموت، وهم لا يموتون. وقد ذكرنا تفسير {المؤصدة} في سورة [البلد: 20].
قوله تعالى: {في عَمَدٍ} قرأ حمزة، وخلف، والكسائي، وعاصم إلا حفصاً بضم العين، وإسكان الميم. قال المفسرون: وهي أوتاد الأطباق التي تطبق على أهل النار. و{في} بمعنى الباء. والمعنى: مطبَقة بعُمُدٍ. قال قتادة: وكذلك هو في قراءة عبد الله. وقال مقاتل: أُطبقت الأبواب عليهم، ثم شُدَّت بأوتادٍ من حديد، حتى يرجع عليهم غَمُّها وحَرُّها. و{ممدَّدة} صفة العُمُد، أي: أنها ممدودة مطوّلة، وهي أرسخ من القصيرة. وقال قتادة: هي عُمُدٌ يعذَّبون بها في النار. وقال أبو صالح: {في عَمَدٍ مُمَدَّدة} قال: القيود الطوال.